حقيقة.!

لا ينمو الجسد إلا بالطعام والرياضة ولا ينمو العقل إلا بالمطالعة والتفكير.

الأعمـال القصصيـة حسيب كيالي.pdf

للمؤلف: محمد كامل الخطيب
يعتمد الأدب كنشاط اجتماعي جمالي على اللغة أساساً في تشكيله وبنائه وفي إيصاله، يعتمد على اللغة لا كقواعد ونحو ومعجمات بل بما هي اللغة فكر، أو شكل من أشكال الفكر من ناحية، وإحدى وسائل الفكر في إبراز وتوصيل مضمونه ونوعيته، بل وانتمائه من جهة ثانية، وبمقدار وضوح اللغة وبيانها وجمالها يكون وضوح الفكر وبيانه أيضاً، والعكس صحيح. الأدب - الجمالي عموماً - هو مساهمة في النشاط - الاجتماعي - الإنساني، وليس شهادة حسن سلوك على انتماء معين، إن الأدب حسن السلوك ليس تقصيراً أدبياً - جمالياً فقط، بل هو أيضاً، قصور معرفي، وفي بعض الحالات، عندما يتحول إلى مدائح أو اتهامات أو تسويغات، يصبح قصوراً أخلاقياً كذلك. من هنا تأتي أهمية التجريب في اللغة، التجريب في الأدب عموماً، فالتجريب اللغوي طريق للتطور الفكري، والتطور الفكري هو إسهام في التطوير الاجتماعي - الإنساني، إن لغة جامدة إن هي إلا فكر كاتب مجتمع جامد، واللغة الحيوية الجديدة هي لغة الكاتب - المجتمع الجديد الحيوي. اللغة ميدان نشاط الأديب، وصراعه معها هو بعد من أبعاد الصراع الفكري، بعد من أبعاد الصراع الاجتماعي وشكل من أشكاله. مثلما هي اللغة مرآة روح الكاتب. - 2 - إذا كانت اللغة أداة الكاتب وأنبوبة اختباره ومرآته، فمسؤوليته تجاهها هي مسؤولية العامل تجاه أداة يمتلكها، أنتجها وتنتج حياته، إن التجريب والتجديد في اللغة والأدب عموماً، هو الصقل الدائم لهذه الأداة حتى تكون أفضل وأبهى، حتى تكون أسهل استعمالاً وأفضل مردوداً، والتخلي عن الاهتمام باللغة شكل من أشكال الانسحاب، التخلي، الإحجام، عن النشاط في الميدان الذي أختاره الأديب مجالاً وممارسته، ميدان الكتابة والثقافة عموماً. - 3 - في التجربة الاجتماعية - اللغوية العربية المعاصرة اتضح مفهومان للتجريب الأدبي - اللغوي؛ تجريب لمزيد من التعقيد، وهو المفهوم الشائع عن التجريب، والذي بمقتضاه تدور اللغة ضمن جدلها الذاتي، وتصبح مقصودة لذاتها، وتجريب لمزيد من السهولة العذبة وتطوير قدرة الاتصال، وبمقتضى هذا المفهوم للتجريب اللغوي فإن اللغة تتحرك وتتقدم عبر جدلها الاجتماعي والفني، عبر علاقة الخاص بالعام، أي علاقة اللغة - الأدب - بالمجتمع الإنساني. إن التجريب هنا لا يأتي مقصوداً لذاته، لكنه متقصد لغاية وهدف اللغة نفسها: الإيصال والجمال. الفهم والبهاء. الامتلاك والتمثل المعرفي_ الجمالي للواقع، للوجود. في اللغة، كما في الفكر، ثمة موقفان تجريبيان، تجريب يعامل اللغة كموجود معزول مستقل لا علاقة له بمن حوله، أو بمن أنتجه، وبمن يتوجه إليه، وتجريب يعامل اللغة كنشاط ذي علاقة وثيقة بالإنسان وتجربته الإنسانية - الاجتماعية - الجمالية. وعندما يتحدث بعض النقاد غالباً ما يذكرون الأول ويتناسون الثاني، يذكرون تجريب جمس جويس وينسون تجريب تشيخوف، يذكرون تجريب أدوار الخراط اللغوي وينسون تجريب إميل حبيبي وحسيب كيالي. لنتذكر اللغة التي كانت تكتب بها القصة القصيرة قبل مجموعة أخبار من البلد لحسيب كيالي، ولنتذكر لغة إميل حبيبي في روايته الوقائع الغريبة لاختفاء سعيد أبي النحس المتشائل، ولنتذكر التجارب الجديدة والجادة لمجموعة من الشعراء الجدد في سورية مثل بندر عبد الحميد ومنذر مصري ورياض الصالح حسين، وقبلهم تجربتي محمد الماغوط ونزيه أبي عفش، لنتذكر كل هذه التجارب، وعندها نرى كيف يكون التجريب اللغوي محاولة في مزيد من الوصول والإيصال والجمال. على الكاتب أن يكلف نفسه مشقة الإفهام، وليس على القارئ أن يكلف نفسه مشقة حل الرموز والأحاجي. فالأدب كاللغة وسيلة من وسائل الاتصال بين الناس هكذا قال إلياس أبو شبكةمنذ الثلاثينيات من القرن العشرين، وربما حتى الآن، والمهمة ما تزال المهمة ماثلة كيف الوصول إلى مزيد من قدرة الاتصال بالناس، وأي تجريب أدبي - لغوي يمكن أن يؤدي هذا الهدف؟! السؤال ما يزال مطروحاً والإجابة عليه بمزيد من محاولات التجريب. حسيب كيالي (1921- 1993) مثال لهذا التجريب، أو التجديد، فقد كانت لغة الناس اليومية، وبكل فصاحتها وكل طرق بيانها، وكل ما فيها من ظلال وعفوية وبراءة وخبث وسخرية وألم وتلميحات ذكية هو ما أضافه حسيب كبالي إلى القصة السورية القصيرة ولغتها تحديداً. خلص حسيب كيالي السرد القصصي من بلاغته القديمة، والمشهد القصصي دراميته وجديته وعبوسه، واللغة من معاطفها البالية المترهلة، مثلما أدخل القصة القصيرة رحابة الحياة اليومية بناسها البسطاء، لكن الأذكياء على طريقتهم، والساخرين، لكن بلغتهم ولهجاتهم ومشكلاتهم، بعفوية وضحكهم النقي، بتحايلاتهم ومكرهم اللماح في السلوك والحديث، ولهذا فلا عجب أن يكون عنوانا مجموعتي حسيب كيالي الأوليتين مع الناس - 1952 وأخبار من البلد - 1955 فهكذا تصبح القصة عيشاً مع الناس، وإخباراً عن البلد الذين يحتاج إلى قلم، أو لسان، يخبر عنه. إضافة إلى اللغة الشعبية ومعها، وربما من خلالها، قدم حسيب كيالي السخرية عيناً ينظر من خلالها إلى الواقع، والسخرية هي الجانب المرح من الإنسان، الجانب الذي يدرك الوجه الآخر للحياة، الوجه الذي يقول إن الحياة ليست مأساة فقط، بل ثمة جانب مرح لطيف يستحق الحياة والابتسام، السخرية والضحك يخففان من غلوائنا ومن عبوسنا، ويهدآن من مخاوفنا، مثلما يطامنان من غرورنا، وربما يكون هذا الجانب السخرية إلى جانب اللغة من أهم إضافات حسيب كيالي إلى الأدب القصصي العربي. * * * تحية وتقديراً لهذا الرائد القصصي السوري الكبير، تقدم وزارة الثقافة الأعمال القصصية(*) والروائية الكاملة لهذا الكاتب، ضمن مشروعها لإعادة طبع الأعمال الكاملة، أو مختارات منها للكتاب السوريين المؤسسين

الأعمـال القصصيـة حسيب كيالي.pdf

تفاصيل كتاب الأعمـال القصصيـة حسيب كيالي.pdf

للمؤلف: محمد كامل الخطيب
التصنيف: المكتبة العامة -> الثقافة العامة
نوع الملف: pdf
أضيف بواسطة: Y4$$3R N3T
بتاريخ: 20-10-2018
عدد مرات التحميل: 3
مرات الارسال: 40

عرض جميع الكتب التي أضيفت بواسطة: Y4$$3R N3T
عرض جميع الكتب للمؤلف: محمد كامل الخطيب

أكثر الكتب زيارة وتحميلاً: