حقيقة.!

عندما أقرأ كتاباً للمرة الأولى أشعر أني قد قسبت صديقاً جديداً، وعندما أقرأه للمرة الثانية أشعر أني ألتقي صديقاً قديماً.

البنية السردية في كتاب الإمتاع والمؤانسة.pdf

للمؤلف: ميساء سليمان الإبراهيم
إن النقد الحديث بمعطياته الجديدة، كثيراً ما كشف عن نقاط مضيئة في تراثنا العربي، كما كشف جوانب إبداعية عظيمة في أعلامه، كلما استجدت نظريات ومناهج جديدة. وقد متح النقد العربي الحديث من ينابيع النظريات الغربية، واستفاد من مناهجها في مجال التطبيق، بيد أن تجاوز خصوصية آداب كل أمة، وتطبيق المناهج أحياناً بصورة تعسفية، قد لا يفضي بالضرورة إلى نتائج مجدية، بل قد يوقع النص المدروس في شرك الاتهام بالمحدودية والانغلاق، من هنا كان الحذر في التعامل مع تلك النظريات والمناهج، بما لا يتناسب وهوية النص، ولئن انطلق هذا البحث من نظريات ومفاهيم حديثة في التعامل مع نص قديم، فإننا نعي بداية الفروق الجوهرية والفواصل الزمانية بينها، إذ إن استلهامنا نظرية السرد وأدواتها في هذا البحث لا يعني تجريد النص من حيثياته وظروفه، وقسره على مالا يتفق مع طبيعته وخصوصيته. وعلى هذا الأساس فإن النظرية التي يستعين بها هذا البحث ستطبق روحاً لا نصاً، بما يتناسب وطبيعة النص من ناحية، وبما لا يلغي مسألة الاجتهاد الشخصي، وحجة الباحث في تقديم ما هو جديد من النتائج التي هي حلقة في سلسلة معرفية، تتصل حلقاتها في كل بحث جديد لينجم عنها بناءٌ معرفيٌ، يفضي إلى فهم أشمل للذات وللعالم الإنساني والحضارة التي ننتمي إليها. من هنا فمسوغات هذا البحث في كتاب تراثي قديم من منظور نظرية نقدية سردية معاصرة يأتي في إطار تقديم رؤية جديدة للنص التراثي من زاوية ربما لم تستوفها الدراسات السابقة لهذا الموضوع. وثمة مصاعب صادفها هذا البحث تتمثل في اختلاف ترجمات المصطلحات السردية بعد دخولها إلى العربية، عدا عن اختلافها في لغتها الأم، وقلة المراجع السردية المترجمة، وصعوبة الحصول عليها إن وجدت، إضافةً إلى ندرة الدراسات التطبيقية في مجال السرد، الذي يتناول التراث القديم خاصة. والتوحيدي هو أحد أعلام هذا التراث الذي امتلك ناصية الإبداع، إذ استطاع أدبه بعد قرون من موته أن ينتزع حقه المغبون في عصره، وهذا يشبه إلى حد ما في عصرنا معاناة كثير من المبدعين الذين كشف النقاب عن إبداعهم بعد موتهم. فالزمن هو المعيار الذي يسقط أمامه كل ما هو زائف وغير حقيقي، فامتلاك النص السمات الإبداعية تكسبه الحيوية والتجدد والقابلية للقراءات الجديدة في كل مرة يأتي بها العلم بجديد. لقد انطلقت النظرية السردية من مهاد النظرية البنيوية في اتكائها على النص بوصفه نظاماً مستقلاً، فالتحليل التقني لبنية السرد يستدعي بالضرورة أدوات المنهج البنيوي، وقد أظهرت استعمالات المنهج البنيوي لدى النقاد استجابته في التعامل مع نصوص السرد الحكائي على المستوى التطبيقي، من هنا كان اعتمادنا على مقولات المنهج البنيوي في توصيف العملية السردية، وتحليل مكونات البنية السردية. والكشف عن الحقائق الفنية التي ينتجها النص والتي تكسبه قيمته الأدبية. من هنا كان لا بد من أن يأتي الفصل الأول فيوضح النظرية السردية التي يستضيء بأدواتها هذا البحث، ومحاولة فرز مقولاتها المتشعبة وتصنيفها، وانتقاء ما يلاءم البحث منها في ضوء مقاربة النص للنظرية، وإيجاد الروابط المنطقية التي تجمع عرى هذا البحث بالنظرية والمنهج، من خلال تحديد النوع الذي ينتمي إليه النص وصلته بالسرد، كما ارتأينا أن نضبط بعض المصطلحات السردية التي نتعامل معها في النص،انطلاقاً من أن مسألة ضبط المصطلحات هي أهم عملية في السيطرة على أدوات المنهج. وانتقلت في الفصل الثاني إلى دراسة الراوي والمروي له بوصفهما مكونين أساسيين في البينة السردية، إذ يقتضي كل سرد بالضرورة وجود راوٍ ومروي له، وحاولت تحديد مستوى حضور الراوي من خلال التصنيفات السردية لأنواع الرواة ودرجات حضورهم، كما درست المتلقي في النص، وأنواع التلقي المركب الذي اشتمل عليه النص، إذ ميزت بين مستويين للتلقي أحدهما في الطور الشفاهي، والآخر في الكتابي، وبينت اختلاف الغايات والمقاصد في ظل التلقي المركب، وحاولت الوقوف على طبيعة العلاقة بين الراوي والمروي له، وإبراز خصوصيتها في النص المدروس. ثم تناولت في الفصل الثالث المروي بوصفه القاعدة التي تشكل عليها النص، والتي تنبثق عنها الدلالات التي ينتجها النص، وقمت بدراسة ركنيه الأساسيين: المتن الحكائي والمبنى الحكائي، فعملت في دراسة المتن على تحليله، وفرز المادة المعرفية التي يتشكل منها في أنساق اجتماعية وفلسفية وفنية وأدبية، وركزت على قضايا تتعلق بفنية الأداء مثل مرتكزات السرد والحوار ووصف الشخصيات، والوظائف اللغوية والسردية، وبناء المناظرة. كما درستأحداث الحكاية الأساسيةمن خلال منظور الراوي الذي يسردها. واقتضى البحث دراسة المجلس بوصفه إطاراً مكانياً. يحتوي العملية السردية في صورتها الأولى, وعالجت من منظور أشمل، الفضاء الذي تكونه اللغة السردية من خلال العلاقة القائمة بين اللغة، والسياق. أما في دراسة المبنى فحاولت أن أبين النظام المحدد الذي كانت تقوم عليه الحكاية من خلال دراسة الزمن، في الكشف عن تتابع الأحداث، وتحديد مدى تطابقها مع ترتيبها الحقيقي، من خلال دراسة زمن القصة وزمن السرد، والكشف عن الأحداث بطريقة تظهر براعة التوحيدي في التأثير، وحددت تلك التقنيات التي وظّفها الراوي - وفق منظوره الخاص- في كيفية تقديمه للحكاية المجردة ليعطيها شكلها الفني. والتي أظهرت قدرة الراوي على إيصال الهدف بمنحىً جمالي وفني. ودرست في الفصل الرابع أشكال التبئير من موقع الراوي، وحددتمنظورات عدة انطلق منها النص، وبدأت بدراسة المنظور الإيديولوجي الذي يحدد بناء القيم الشامل للعمل الأدبي، ويقودنا إلى -رؤية العالم- التي أنتجها النص، ثم درست المنظور النفسي من وجهة تداخل الذاتي بالموضوعي, وانتقلت إلى دراسة الأسلوب الذي تعبر الشخصية من خلاله عن نفسها في المنظور التعبيري، أما في منظور الزمان والمكان فأشرت إلى الرؤية التي تنطلق من المجلس هي رؤية مرتهنة بطبيعة المكان ومحكومة بالزمن, وكان لابد من تحديد الأيديولوجيا العامة التي ينبثق منها النص، والتي تتمثل في الوعي الفردي السابق على الحكاية، وتأثير ذلك الوعي في النص، فوصفت ذلك الميل أو النزعة العقلية لدى التوحيدي، وبينت مدى ارتباطها بالتكوين الثقافي والبيئي للتوحيدي في ضوء خصوصية تجربته الفردية. أما في الفصل الخامس فقد اقتضت دراسة البنية النصية أن ننظر في المتفاعلات النصية القديمة التي دخلت في سياق النص، بوصفها بنيات نصية أساسية في الخطاب تتفاعل مع النص، وتبنت هذه الدراسة مفهوم التناص في دراسة التعالق النصي بين نص (الإمتاع والمؤانسة) وبقية نصوص التوحيدي في ضوء التفاعل النصي الذاتي، وبما أن النص نتاج اجتماعي كان لابد لخطابات الآخرين من أن تجد طريقها إلى النص، من هنا تأتي أهمية دراسة التفاعل النصي الداخلي الذي ركزت فيه على تقاطعات الأسلوب بين التوحيدي وكتاب عصره، وعلى المادة المعرفية وكيفية تداولها في النصوص، كما عالجت الدراسة توظيف التوحيدي لنصوص قديمة نقلاً واستشهاداً وتحويلاً في عملية إعادة موقعة لها في النص، وقد ارتبط الكشف عنها بعلاقة المتلقي ثقافياً بها. وانتهى البحث إلى جملة من النتائج أوجزتها في الخاتمة، ورأيت أن ألحق بها فهرساً للمصطلحات الواردة في البحث، سواءٌ أوردت في نص الإمتاع والمؤانسة، أم في المنهج ثم أتبعته مسرداً بالمصطلحات السردية باللغة الإنكليزية، وثبتاً بالمصادر والمراجع التي استعان بها البحث.

البنية السردية في كتاب الإمتاع والمؤانسة.pdf

تفاصيل كتاب البنية السردية في كتاب الإمتاع والمؤانسة.pdf

للمؤلف: ميساء سليمان الإبراهيم
التصنيف: المكتبة العامة -> الثقافة العامة
نوع الملف: pdf
أضيف بواسطة: Y4$$3R N3T
بتاريخ: 20-10-2018
عدد مرات التحميل: 9
مرات الارسال: 50

عرض جميع الكتب التي أضيفت بواسطة: Y4$$3R N3T
عرض جميع الكتب للمؤلف: ميساء سليمان الإبراهيم

أكثر الكتب زيارة وتحميلاً: